للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دمشق، استقل بملكها بعد موت أبيه في سنة خمس عشرة وست مئة، وتوفي بقلعتها وعمره تسع وأربعون سنة، وكانت مدة ملكه دمشقَ تسعَ سنين وشهوراً، وكان شجاعاً، وكان عسكره في غاية التجمُّل، وكان يجامل أخاه الكامل ويخطب له ببلاده، ولا يذكر اسمه معه وكان الملك المعظم قليل التكلف جداً، في غالب الأوقات لا يركب بالسناجق السلطانية، وكان يركب وعلى رأسه كلوته صفراء، بلا شاش، ويتخرَّق الأسواق من غير أن يطرق بين يديه كما جرت عادة الملوك، فلما كثر هذا منه، صار الإنسان إذا فعل أمراً لا يتكلف له يقال: قد فعله المعظَّمي.

وكان عالماً فاضلاً في الفقه والنحو، وكان شيخه في النحو تاج الدين زيد بن الحسن الكندي، وفي الفقه جمال الدين الحصيري، وكان حنفياً متعصباً لمذهبه، وخالف جميع أهل بيته؛ فإنهم كانوا شافعية.

وكانت مملكته متسعة في حدود بلد حمص إلى العريش، يدخل في بلاد السواحل الإسلامية منها، وبلاد الغور وفلسطين والقدس، وبنى به المدرستين الكائنتين به له للحنفية، ومن أعماله الكرك والشوبك وصرخد، وغير ذلك.

تخريب أسوار بيت المقدس: وفي سنة ست عشرة وست مئة أرسل الملك المعظم عيسى الحجَّارين والنقابين إلى القدس، فخرَّب أسواره، وكانت قد حصنت إلى الغاية، وانتقل منه عالم عظيم، وكان سبب ذلك: أنه لما رأى قوة الفرنج، وتغلبهم على دمياط، خشي أن يقصدوا القدس، فلا يقدر على منعهم، فخربه لذلك، ولما غاب عن