للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقوم عليه، كما يئنّ الصبيُّ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنَ الذِّكْرِ" (١)، فنزل، فمسحه بيده حتى سكن، فلما هدم المسجد وتغير، أخذ ذلك الجذعَ أُبَيُّ بن كعب، فكان عندَه في داره حتى بَلي.

[* ذكر فتح مكة]

وسبب ذلك: أن بني بكر بن عبد مناة عَدَتْ على خُزاعة، وهم على ماءٍ لهم بأسفلِ مكة، يقال له: الوثير، وكانت خزاعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبنو بكر في عهد قريش في صلح الحديبية، وكانت بينهم حروب في الجاهلية.

فكلمت بنو بكر أشرافَ قريش أن يُعينوهم على خزاعةَ بالرجال والسلاح، فوعدوهم، ووافَوْهم متنكرين، فبيتوا خزاعةَ ليلًا، فقتلوا منهم عشرين، ثم ندمت قريشٌ على ما فعلوا، وعلموا أن هذا نقض العهد الذي بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وخرج عَمْرُو بنُ سالم الخزاعيُّ في طائفة من قومه، فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستغيثين به، فوقف عمرٌو عليه، وهو جالس بالمسجد، وأنشده أبياتًا، يسأله أن ينصره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نُصِرْتَ يا عَمْرُو بْنَ سَاِلمٍ"، ثم قدم بُدَيلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ من خزاعةَ على النبي، وأخبره، فقال: "كأنكم بأبي سفيانَ قد جاءكمُ يشدُّ العَقْدَ، ويَزيدُ في المدَّةِ"، فكان كذلك.


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣٠٠)، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.