ولمَّا استقر الأمر على ذلك، وقع الحديث مع ملك الفرنج الذي أُسر في حياة الملك المعظم، وهو افرنسيس في تسليم دمياط للمسلمين بالإفراج عنه، فأجاب لذلك، وتقدم إلى نوابه بتسليمها، فسلموها، وصعد إليها العَلَم السلطاني يوم الجمعة، لثلاثٍ مضين من صفر، سنة ثمان وأربعين وست مئة، وأطلق المذكور، فركب البحر بمن معه نهار السبت غداة الجمعة، وأقلعوا إلى عكا.
ووردت البشرى بهذا الفتح العظيم إلى سائر الأقطار، ثم عادت العساكر، ودخلت القاهرة يوم الخميس، تامع صفر المذكور، وأرسل المصريون رسولاً إلى الأمراء الذين بدمشق في موافقتهم على ذلك، فلم يجيبوا إليه.
* * *
[سلطنة الملك المعز عز الدين أيبك التركماني]
لما جرى ما ذُكر من أخبار شجر الدر، حصل الكلام بين كبراء الدولة: أنه إذا استقر أمر المملكة على امرأة على ما هو عليه الحال، تفسد الأمور، واتفقوا على إقامة عز الدين أيبك التركماني الجاشنكير الصالحي في السلطنة، ومعنى الجاشنكير: مشد الشربخانة، فأقاموه، وركب بالصناجق السلطانية، وحملت الغاشية بين يديه يوم السبت، آخر ربيع الآخر، سنة ثمان وأربعين وست مئة، ولقب: الملك المعز، وأبطلت