وتوفي تقيُّ الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب في بلاد الأكراد، في يوم الجمعة، لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان، سنة سبع وثمانين وخمس مئة، فأخفى ولدُه المنصور وفاته، ووصل به إلى حماة، ودفنه بظاهرها، واتفق أن في ليلة تلك الجمعة توفي حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين، وأمُّه ستُّ الشام بنتُ أيوب أختُ السلطان، فأصيب السلطان في تاريخ واحد بابن أخيه، وابن أخته، واستقر الملك المنصور بيده حماة بشفاعة الملك العادل.
وفي سنة ثمان وثمانين وخمس مئة: سار الفرنج إلى عسقلان، وشرعوا في عمارتها في المحرم، والسلطان بالقدس، ثم حصل الصلح والمهادنة بين السلطان وبين الفرنج بسفارة جماعة من أعيان جماعة السلطان، وعقدت هدنة عامة في البحر والبر، وجُعلت مدتها ثلاث سنين وثلاثة أشهر، أولها أيلول الموافق لحادي وعشرين شعبان.
وكانت الهدنة على أن يستقر بيد الفرنج يافا وعملها، وقيسارية، وأرسوف، وعكا، وأعمال ذلك، وأن تكون عسقلان خراباً، واشترط السلطان دخول بلاد الإسماعيلية في عقد هدنته، واشترط الفرنج دخول صاحب أنطاكية وطرابلس في عقد هدنتهم، وأن تكون لُدّ والرمْلَة مناصفة بينهم وبين المسلمين، فاستقرت القاعدة على ذلك.
ثم رحل السلطان إلى القدس، في رابع شهر رمضان، وتفقد أحواله، وأمر بتشييد أسواره، وزاد في وقف المدرسة التي عملها