فنذكر ما استقر عليه الحال في ملكها بعد الملك صلاح الدين، ونذكر ترجمة ولده الملك العزيز المتقدم ذكرُه، ومن ولي الملكَ بعده واحداً بعد واحد على الترتيب إلى آخر وقت [ ... .]، وبالله التوفيق.
* * *
[[سلطنة الملك الأفضل علي ابن السلطان صلاح الدين]]
هو الأكبر من أولاد السلطان صلاح الدين، والمعهودُ إليه بالسلطنة، واستوزر ضياءَ الدين نصرَ الله بنَ محمد بن الأثير، فبعد وفاة الملك صلاح الدين، في سنة تسع وثمانين وخمس مئة، قدم الملك العادل من الكَرَك إلى الشام، وأقام فيها وظيفة العزاء على أخيه، ثم توجه إلى بلاده التي وراء الفرات.
ثم في سنة تسعين وخمس مئة: استحكمت الوحشةُ بين الأخوين العزيز والأفضلِ ابنِ السلطان صلاح الدين، فسار العزيز، وحصر الأفضلَ بدمشق، فاستنجد عمَّه العادل، وأخاه الظاهر، وابن عمه المنصور صاحبَ حماة، فساروا إليه، وأصلحوا بين الأخوين، وتوجه كلُّ ملك إلى مملكته، ثم توجه العادل، وأقام بمصر عند العزيز؛ ليقرر أمور مملكته، بعد أن جرى بين العزيز [وبين الأفضل] وقائع يطول شرحها.
وفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة: اتفق العادل والعزيز على أن يأخذا دمشق، وأن يسلمها العزيز إلى العادل؛ لتكون الخطبة والسلطة للعزيز بسائر البلاد كما كانت لأبيه، فخرجا، وسارا من مصر إلى دمشق،