ثم عادوا إلى جهة دمشق، واتفقوا على خلاف الملك السعيد، وخلعِه من السلطنة؛ لسوءِ تدبيره، وعبروا على دمشق، ولم يدخلوها، فأرسل إليهم، واستعطفهم، ودخل عليهم بوالدته، فلم يلتفتوا إلى ذلك، وأتموا السير، فركب، وساق، فسبقهم إلى مصر، وطلع إلى قلعة الجبل، فوصلت العساكر الخارجون عن طاعته إلى الديار المصرية في ربيع الأول، وحصروا الملك السعيد بقلعة الجبل، فخامر عليه غالبُ من كان معه، فلما رأى الملك السعيد ذلك، أجابهم إلى الانخلاع من السلطنة، وأن يُعطى الكرك، فأجابوه إلى ذلك، وأنزلوه من القلعة، وخلعوه في ربيع الأول، سنة ثمان وسبعين ولست مئة، وسفَّروه من وقته إلى الكرك، فوصل إليها، وتسلمها بما فيها من الأموال، وكانت شيئاً كبيراً.
وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
[سلطنة الملك العادل بدر الدين سلامش]
لما جرى ما ذكرناه من خلع السعيدِ بركة، وإعطائه الكَرَك، اتفق أكابر الأمراء الذين فعلوا ذلك على إقامة بدر الدين سلامش في المملكة، ولقبوه: الملك العادل، وعمره إذ ذاك سبع سنين وشهور، وخُطب له، وضُربت السكة باسمه، وذلك في شهر ربيع الأول، سنة ثمان وسبعين وست مئة، وصار الأمير سيف الدين قلاوون الصالحي أتابكَ العساكر،