للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مملوءةً دمًا، ثم تعاقدوا هم وبني عَدِيٍّ على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم، فسُمُّوا: لَعَقَةَ الدم؛ بذلك، فمكثوا على ذلك أربع ليال، ثم تشاوروا، فقال أبو أمية بنُ المغيرة، وكان أسنّ قريش: اجعلوا بينكم حَكَمًا أولَ من يدخل من باب الحرم يقضي بينكم، فكان أولُ من دخلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأوه، قالوا: هذا الأمين، رضينا به، وأخبروه الخبر، فقال: "هَلُمُّوا لي ثوبًا"، فأُتي به، فأخذ الحجر، فوضعه فيه بيده، ثم قال: "ليأخُذْ كلُّ قبيلة بناحية من الثوبِ، ثُمَّ ارْفَعوه جميعًا"، ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه، وضعه بيده - صلى الله عليه وسلم -، ثم بني عليه.

وكانت تُكْسى القَباطِيَّ، ثم كُسيت البُرودَ، وأولُ من كساها الديباجَ الحجاجُ بنُ يوسف.

* * *

[* ذكر مبعثه - صلى الله عليه وسلم - وابتداء الوحي *]

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: بُعِثَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأُنزِلَ عليه الوحيُ وهو ابن أربعين سنة (١)، وقيل: ابن ثلاث وأربعين، وكان يوم الاثنين بلا خلاف، لثماني عشرة ليلة خلت من رمضان.

قالت عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي: الرؤيا الصالحةُ في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثلَ فَلَق


(١) رواه البخاري (٣٩٠٢)، ومسلم (٢٣٥١).