وصلَّى الله على سيدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
[خلافة الظاهر بأمر الله]
هو أبو نصر، محمدُ ابنُ الإِمام الناصر لدين الله.
بويع له لما توفي والده، فأظهر العدل وحسن السيرة، وأزال المكوس، وأخرج المحبسين، وظهر للناس، وكان الناصر ومَنْ قبله لا يظهرون إلا نادرًا.
ولم تطل به مدته في الخلافة سوى تسعة أشهر، وتوفي في رابع عشر رجب، سنة ثلاث وعشرين وست مئة.
وكان متواضعاً، محسنا إلى الرعية جداً، وأبطل عدة مظالم، منها:
أنه كان بخزانة الخليفة صنجة زائدة، يقبضون بها المال، ويعطون بالصنجة التي يتعامل بها الناس، وكان زائد الصنجة في كل دينار حبَّة، فخرج توقيع الخليفة الظاهر بإبطال ذلك، وأولُى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: ١ - ٣] وعمل صنجة المخزن مثلَ صنجة المسلمين.
وكان مضاددًا لأبيه في كثير من أحواله، منها: أن مدة خلافة أبيه كانت طويلة، ومدة خلافته كانت قصيرة، وكان أبوه متشيعا، وكان الظاهر سُنِّيا، وكان أبوه ظالما جَمَّاعاً للمال، وكان الظاهر في غاية العدل،