للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحفر له أبو طلحة الأنصاريُّ - رضي الله عنه - (١).

* * *

[* فصل في ذكر صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - *]

كان - صلى الله عليه وسلم - رَبْعَةً من القوم، له شعر يَضْرِبُ مَنْكِبيه، بعيدَ ما بين المَنكِبين، ليسَ بالقصير، ولا بالطويل، لا بائِنًا من طول، ولا تقتَحِمُه عينٌ من قِصَر، أبيضَ اللون مُشْرَبًا بحُمْرة، وقيل: أزهر اللون، ليس بالأمهق، ولا بالآدم، له شعر رَجِلٌ، لم يبلغ الشيبُ في رأسه ولحيته عشرين شعرة، كأن عنقه جيدُ دُمية، في صفاء الفضة، ظاهرَ الوَضاءة، مليحَ الوجه، يتلالأ وجهُه تلألُؤَ القمر ليلة البدر، حَسَنَ الخَلْق، معتدلَ القامة، وسيمًا قَسيمًا، في عينيه دَعَج، وفي بياضِها عروقٌ رِقاقٌ حُمر، وفي أَجْفانِهِ قَطَفٌ، وفي صوته صَهَلٌ - ويروى: صَحَلٌ -، وفي عينيه سَطَعٌ، وفي لحيته كثافة، إن صَمَتَ، فعليه الوقار، وإن تكلم، سما، وعليه البهاء.

أجملُ الناس وأبهاهم من بعيد، وأحلاهم وأحسنُهم من قريب، حلوُ المنطق، كأن منطقه خرَزاتُ نظمٍ يتحدَّرن، واسعُ الجبين، أَزَجُّ الحواجِبِ من غير قَرَن، بينهما عرقٌ يدرُّه الغضب، أَقْنى العِرْنين، سهلُ


(١) انظر: "جوامع السيرة" لابن حزم (١/ ٢٦٥)، و"المختصر في أخبار البشر" لأبي الفداء (١/ ١٠٤)، و"تاريخ ابن الوردي" (١/ ١٣٠).