هو أبو العباس، أحمدُ، وقيل: أبو جعفر، المتوكل، وأمُّه أمُّ وَلَد.
وكان حسنَ الجسم، طويل اللحية، واسع العينين، طويلًا.
بويع له لأربع عشرة ليلة خلت من رجب، سنة ست وخمسين ومئتين، وكان يقبل على اللذات، ويشتغل عن الرعية، كثيرَ العزل والتولية، وجعل أخاه طلحةَ وليَّ عهده، ولقَّبه: الموفق بالله، فاستعد الموفقُ لمحاربة الخبيث صاحبِ الزنج، الذي ادعى أنه علي بن محمَّد ابن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وليس كذلك، وإنما قيل بأنه: علي بن محمَّد بن أحمد بن رحيب، رجلٌ من المعجم، من قرية من قرى الري، ونشأ بسامراء، فتأدب بها، وخدم في الديوان، وقال الشعر، واستماح به.
ثم حدث في نفسه الكفر والخبث، ودعوى الإمامة، وعلم الغيب، والخروج عن الأئمة، فقدم البصرة، وأقام بهجر، ودعا الناس إلى طاعته، فمال إليه عبيدُ هجر، وخَلْقٌ من أهل البحرين، والتأموا عليه، وكثر أتباعه، واستغوى مَنْ لقيه من الأعراب، وأوهم أنه يعلم منطقَ الطير، وعمد إلى خرقة حرير، فكتب فيها بالأخضر:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة: ١١١] إلى آخر الآية، وكتب عليها اسمه واسم أبيه، وعلَّقها، وخرج ينادي في الناس، فاجتمع عليه ألوف من الزنوج وغيرهم، فقام فيهم خطيبًا، ووعدهم أن