يملكهم الأموال، ولم يزل ينهب ويقتل، وادعى أن نساءه امتُحِنَّ بصحبته، وحرمن بعدَه على الرجال، وقال: لي بذلك أسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبأئمة الهدى من بعده.
فقيل له: إن أبا بكر وعمر تزوج الناسُ بنسائهما، فقال: ليس فيهما قدوة، وأما علي، فقد أثم من تزوج نساءه بعده.
وادعى أنه عبد الله الذي قام يدعوه، وأنه أنزل فيه قرآنًا.
وادعى أنه الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، وقال: أُنزلت فيّ سورة من القرآن مجردة، ليس فيها ذكر غيري، وهي:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}[البينة: ١].
وادعى أنه تكلَّم في المهد صبيًا.
ثم إن الموفق انتدب لقتاله، فوجَّه ولدَه أبا العباس في نحو عشرة آلاف فارس وراجل لقتال الزنج، فسار نحوهم، وكان بينهم من القتال والوقعات المشهورة ما يطول شرحه، فنصر الله أبا العباس، وأعلى كلمته، وفتح على يديه، وأسبغ نعمه عليه، وهذا الشابّ هو الذي ولي الخلافة بعد عمه المعتمد، ولقب بالمعتضد.
وركب الموفَّق من بغداد في صفر سنة سبع وستين ومئتين في جيوش كثيفة، فدخل واسط، فتلقاه ابنه أبو العباس، وأخبره عن الجيش الذي معه، وما عملوا في حرب الزنج، فخلع عليه، وعلى الأمراء كلهم خِلَعاً سَنِيَّة.