للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم سار بجميع الجيوش إلى صاحب الزنج، وهو بالمدينة التي أنشأها، وسماها بالمنيعة، فقهرهم الموفق، ودخلها عَنْوة، وهدم أسوارها، وسار إلى غيرها من البلاد، وهدم ونهب.

ثم سار الموفق في جيوش عظيمة - نحو خمسين ألف مقاتل - إلى مدينة صاحب الزنج الكبرى التي بناها وسماها: المختارة، وقدّم ولده أبا العباس بين يديه، وحاصر قصرَ الملك محاصرة لم يحاصر مثلها، وتعجب الزنج من إقدامه وجرأته مع صغر سنه، فهزمهم بإذن الله، وفرّ الخبيث صاحب الزنج هاربا، وترك حلائله وأولاده، وأمواله فأخذها الموفق - ولله الحمد والمنة -، وشرحُ ذلك يطول.

ثم ركب الموفق، فأسر عامة من كان يصحبه من خاصته، وأبادهم بالقتل، وما انجلت الحرب حتى جاء البشير بقتل الخبيث صاحبِ الزنج في المعركة، وجيء برأسه إليه، فخر لله عز وجل ساجداً، ثم رجع، ودخل مدينته التي أنشاها، وسماها: الموفقية، وكان يوماً مشهوداً، وفرح المسلمون بذلك في المشارق والمغارب.

ثم قدم ولدُه أبو العباس بين يديه إلى بغداد، ومعه رأسُ الخبيث، فكان لدخوله يوم مشهود، وانتهت ايام صاحب الزنج الكذاب - قبحه الله تعالى -.

وفي سنة سبعين ومئتين: أقبلت الروم في مئة ألف مقاتل، فنزلوا قريبًا من طرسوس، فخرج المسلمون إليهم، وقتلوا منهم في مقتلة واحدة نحوًا من سبعين ألفا - ولله الحمد -، وغنم المسلمون منهم غنيمة عظيمة.