ثم حضر عباسٌ إلى القصر، وطلب الاجتماع بالظافر، وطلبه من أهل القصر، فلم يجدوه، فقال: أنتم قد قتلتموه، فأحضر أخوَي الظافر: يوسف، وجبريل، وقتلهما عباسٌ المذكور - أيضاً -.
وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
[خلافة الفائز بنصر الله]
هو أبو القاسم، عيسى بنُ الظافر إسماعيل.
استقر الفائز بنصر الله في الخلافة ثاني يوم قتل أبيه، وله من العمر ثلاثُ سنين، وقيل: خمس، فحمله عباسٌ الصنهاجيُّ الوزير على كتفه، وأجلسه على سرير الملك، وبايع له الناس، وأخذ عباسٌ من القصر من الأموال والجواهر النفيسة شيئاً كثيراً.
ولما فعل عباس ذلك، اختلفت عليه الكلمة، وثار عليه الجند والسودان، وكان طلائع بن رزبك في منية خصيب والياً عليها، فأرسل إليه أهلُ القصر من النساء والخدام يستغيثون به، وكان فيه شهامة، فجمع جمعه، وقصد عباساً، فهرب عباس إلى نحو الشام بما معه من الأموال والتحف التي لم يوجد مثلها، ولما كان في أثناء الطريق، خرجت الفرنج على عباس المذكور، فقتلوه، وأخذوا ما كان معه، وأسروا ابنه نصراً.
وكان قد استقر طلائعُ بنُ رزبك بعد هرب عباس في الوزارة،