للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وقعة صِفِّين:

ولما قدم عمرو على معاوية، واتفقا على حرب عليٍّ - كما ذكرناه -، قدم جريرُ بن عبد الله البجليُّ على عليٍّ، فأعلمه بذلك، فسار علي من الكوفة إلى جهة معاوية، وسار عمرو ومعاوية من دمشق بأهل الشام إلى جهة علي، وتأنى معاويةُ في مسيره، حتى اجتمعت الجموع بصفِّين، وخرجت سنة ست وثلاثين، والأمرُ على ذلك.

ثم دخلت سنة سبع وثلاثين: والجيشان بصفين، ومضى المحرَّم، ولم يكن بينهم قتال، بل مراسلات يطول ذكرُها، ولم ينتظم بها أمر، ولما دخل صفر، وقع بينهما القتال فيه، وكانت بينهم وقعات كثيرة، قيل: كانت تسعين وقعة، وكان مدة مقامهم بصفين مئةً وعشرة أيام.

وكان عدد القتلى بصفين من أهل الشام خمسة وأربعين ألفًا، ومن أهل العراق خمسة وعشرين ألفًا، منهم ستة وعشرون رجلًا من أهل بدر، وكان علي قد تقدم إلى أصحابه، أن لا تقاتلوهم حتى يبدؤوا هم بالقتال، وأن لا تقتلوا مُدْبِرًا، ولا تأخذوا شيئًا من أموالهم، وأن لا تكشفوا عورة.

وقاتل عمار بن ياسر - رضي الله عنه - مع علي قتالًا عظيمًا، وكان قد نيف عمره على تسعين سنة، ولم يزل يقاتل حتى استُشهد - رضي الله عنه -، وفي الصحيح المتفق عليه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تقتلُ عَمَّارًا الفِئة الباغِيَةُ" (١).

وبعد قتل عمار - رضي الله عنه - انتدب عليٌّ اثني عشر ألفًا، وحمل بهم على


(١) رواه البخاري (٤٣٦)، ومسلم (٢٩١٥)، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.