ولما أمر الله إبراهيم الخليل ببناء الكعبة، سار من الشام، وقَدِمَ مكة، وقال: يا إسماعيل! إن الله أمرني أن أبني له بيتا، فقال إسماعيل: أطعْ ربَّك، فقال إبراهيم: وقد أمرك أن تُعينني، فقال: إذاً أفعل، فجعل إبراهيمُ يبنيه، وإسماعيلُ يناوله الحجارة، وكانا كلما بنيا، دعوا فقالا:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة: ١٢٧].
وكان وقوف إبراهيم على حَجَر وهو يبني، وذلك الموضع هو مَقامُ إبراهيم، واستمر البيت على ما بناه إبراهيم إلى أن هدمته قريش سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبَنَوْه.
وكان بناء الكعبة بعد مضي مئة سنة من عمر إبراهيم، فيكون بالتقريب بين ذلك وبين الهجرة ألفان وسبع مئة ونحو ثلاث وتسعين سنة.
وأرسل الله إسماعيل إلى قبائل اليمن، وإلى العماليق، وزوَّجَ إسماعيلُ ابنته من ابن أخيه العيص بن إسحاق، وعاش إسماعيل مئة وسبعاً وثلاثين سنة، ومات بمكة، ودفن عند قبر أمه هاجر بالحِجْر، وكانت وفاة إسماعيل بعد وفاة أبيه إبراهيم الخليل بثمان وأربعين سنة، والله أعلم.