بالقدس، وهذه المدرسة كانت قبل الإسلام تعرف بصندحَنَّة، يذكرون أن فيها قبر حَنَّة أُمِّ مريم، صارت في الإسلام دارَ عِلم، وهي المعروفة بالمدرسة الصلاحية، بالقرب من باب الأسباط، وله بالقدس - أيضًا - خانقاه، وهي المعروفة بدار البطرك، مركبة على ظهر كنيسة قمامة، وبيمارستان بالقرب من قمامة، وغير ذلك من الأوقاف والخيرات.
ثم رحل السلطان عن القدس؛ لخمسٍ مضين من شوال، ودخل إلى دمشق يوم الأربعاء، لخمس بقين من شوال، سنة ثمان وثمانين وخمس مئة، وفرح الناس به؛ لأن غيبته كانت عنهم مدة أربع سنين، وأقام العدل والإحسان بدمشق، وفرق العساكر، وودَّعه أقاربه، وتوجه كل إلى وطنه.
ومحاسن السلطان صلاح الدين - رحمه الله - ومناقبه كثيرة لا يمكن حصرها.
[* ذكر وفاة السلطان صلاح الدين وبعض سيرته]
فحصل للسلطان توعُّك، وهو أنه لحقه ليلةَ السبت سادس عشر صفر كسلٌ عظيم، وغشيه نصفَ الليل حُمَّى صفراوية، وأخذ المرض في التزايد، وحدث به في السابع رعشة، وغاب ذهنه، واشتد الإرجاف في البلد، وغشي الناسَ من الحزن والبكاء عليه ما لا يمكن شرحه، واشتد به المرض ليلة الثاني عشر من مرضه، وهي ليلة السابع والعشرين من صفر، وتوفي السلطان في الليلة المذكورة، وهي المسفِرة عن نهار