الأربعاء سنة تسع وثمانين وخمس مئة، بعدَ صلاة الصبح.
وغسله الفقيه الدولعي خطيبُ دمشق، وأُخرج بعد صلاة الظهر من نهار الأربعاء المذكور في تابوت مسجًّى بثوب، وجميع ما احتاجه من الثياب في تكفينه، أحضره القاضي الفاضل من جهة حِلّ عَرَفَه، وصلى عليه الناس، ودفن في قلعة دمشق، في الدار التي كان مريضاً فيها، وكان نزوله إلى قبره وقت صلاة العصر من النهار المذكور.
وأرسل الملك الأفضل الكتبَ بوفاة والده إلى أخيه العزيز عثمان بمصر، وإلى أخيه الظاهر غازي بحلب، وإلى عمه العادل أبي بكر بالكرك.
ثم إن الملك الأفضل عمل لوالده تربة قرب الجامع، وكانت داراً لرجل صالح، ونقل إليها السلطان يوم عاشوراء، سنة اثنتين [وتسعين] وخمس مئة، ومشى الأفضل بين يدي تابوته، وأخرج من باب القلعة على دار الحديث إلى باب البريد، وأُدخل الجامع، ووضع قُدَّام النَّسْر، وصلى عليه القاضي محيي الدين ابن القاضي زكي الدين، ثم دفن، وجلس ابنه الملكُ الأفضل في الجامع ثلاثة أيام للعزاء، وأنفقت ستُّ الشام بنتُ أيوبَ أختُ السلطان في هذه النوبة أموالاً عظيمة.
وكان عمر السلطان حين وفاته قريباً من سبع وخمسين سنة.
وكانت مدة ملكه للديار المصرية نحو أربع وعشرين سنة، وملكه الشام قريباً من تسع عشرة سنة.