للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وفيها: أفرج الملك الناصر يوسف عن الناصر داود الذي كان صاحب الكرك من قلعة حمص، وذلك بشفاعة الخليفة المستعصم، وأمره أن لا يسكن في بلاده، فرحل الناصر داود إلى جهة بغداد، فلم يمكنوه من الوصول إليها، وطلب وديعته الجوهر، فمنعوه إياها، وكتب الملك الناصر يوسف إلى ملوك الأطراف أنهم لا يأووه، ولا يميروه، فبقي في جهات عانة، والحديثة، وضاق به الحال، وكان يتصيد الغزلان، وكان يمضي له ولأصحابه أيام لا يطعمون غير لحوم الغزلان، ثم نزل بالأنبار، وبينها وبين بغداد ثلاثة أيام، والناصر داود مع ذلك يتضرع للخليفة المستعصم، فلا يجيب ضراعته، ويطلب وديعته، فلا يرد لهفته، ولا يجيبه إلا بالمماطلة والمطاولة، ثم بعد ذلك أرسل الخليفة، وشفع فيه عند الملك الناصر، فأذن له في العَوْد إلى دمشق، ورتب له شيئاً يصل إليه من جهة من الجهات.

وفي سنة ثلاث وخمسين وست مئة: طلب الملك الناصر داود من الناصر يوسف دستوراً إلى العراق لسبب طلب وديعته من الخليفة، وهي الجوهر المتقدم ذكره، وأن يمضي إلى الحج، فأذن له في ذلك، فسار إلى كربلاء، ثم مضى منها إلى الحج، ولما رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، تعلق في أستار الحجرة الشريفة بحضور الناس، وقال: اشهدوا أن هذا مقامي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داخلاً عليه مستشفِعاً به إلى ابن عمه المستعصم في أن يرد عليَّ وديعتي، فأعظمَ الناس ذلك، وجرت عَبراتهم، وارتفع بكاؤهم.

وكُتب بصورة ما جرى مشروح، ودفع إلى أمير الحاج، وذلك