وفي سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة: أحضر السلطان ولدَه الملك الأفضل من مصر، وأقطعه دمشق، ثم أحضر أخاه العادل من حلب، وجعل ولدَه العزيزَ عثمان نائباً عنه بمصر، واستدعى تقيَّ الدين من مصر، وزاده على حماة: منبج، والمعرَّة، وكفر طاب، وميَّا فارقين، وجبل جوز بجميع أعمالها، واستقر العزيز عثمان والعادل في مصر، ولما أخذ السلطان حلب من أخيه العادل، أقطعه عوضها حرانَ، والرها.
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة:
[* ذكر غزوات السلطان الملك الناصر صلاح الدين وفتوحاته في هذه السنة]
جمع السلطان العساكر، وسار بفرقة من العسكر، وضايق الكرك؛ خوفاً على الحاجِّ من صاحب الكَرَك، وأرسل فرقة أخرى مع ولده الملكِ الأفضل، فأغاروا على بلد عكا وتلك النواحي، وغنموا شيئاً كثيراً، ثم سار السلطان، ونزل على طبريَّة، وحصر مدينتها، وفتحها عنوة بالسيف، وأخرب القلعة.
[* ذكر وقعة حطين]
وهي الوقعة العظيمة التي فتح الله بها الساحل، وذلك أنه لما فتح السلطان مدينة طبرية، اجتمع الفرنج في ملوكهم بفارسهم وراجلهم، وساروا إلى السلطان، فركب السلطان من عند طبرية وسار إليهم يوم السبت، لخمسٍ بقين من ربيع الآخر، والتقى الجمعان، واشتد بهم