كانوا تغلَّبوا، وأخذ أموالهم، وحملها إلى المستنصر، وأقام منار الدولة، وشيَّد من أمرها ما كان قد دَرَسَ، وقرر قواعد البلاد، وأحسنَ إلى الرعية، فعمرت البلاد، وعادت مصر وأعمالها إلى أحسن ما كانت عليه.
وتوفي المستنصر في ثامن ذي الحجة، سنة سبع وثمانين وأربع مئة، ولقي المستنصر شدائد وأهوالاً أخرجَ فيها أمواله وذخائره، حتى لم يبق له غيرُ سجادته التي يجلس عليها، وهو مع هذا صابر غيرُ خاشع. والله أعلم.
وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
[خلافة المستعلي بأمر الله]
هو أبو القاسم، أحمدُ المنعوتُ بالمستعلي بن المستنصرِ بنِ الظاهر ابنِ الحاكم بنِ العزيز بنِ المعزِّ بنِ المنصورِ بنِ القائم بنِ المهديِّ.
ولي الأمر بعد أبيه بالديار المصرية والشامية، وفي أيامه اختلفت دولتهم، وضعف أمرهم، وانقطعت من أكثر مدن الشام دعوتُهم، وانقسمت البلاد الشامية بين الأتراك والفرنج؛ فإنهم دخلوا الشام، ونزلوا أنطاكية في ذي القعدة، سنة تسعين وأربع مئة، وأخذوا مَعرَّة النعمان سنة اثنتين وتسعين.