للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجماعة من بني أمية، وجمعوا جمعًا عظيمًا، واتفق رأيهم على المضي إلى البصرة للاستيلاء عليها، وقالوا: معاوية بالشام قد كفانا أمرها، وكان عبد الله بن عمر قد قدم من المدينة، فدعوه إلى المسير معهم، فامتنع، وساروا، وأعطى يَعْلَى بن مُنْية عائشةَ الجملَ المسمى بـ: عسكر، اشتراه بمئة دينار، فركبته، فضربوا في طريقهم مكانا يقال له: الحَوْأَب، فنبَحَهُم كلابُه، فقالت عائشة: أيُّ ماء هذا؟ فقيل: هذا ماء الحوأب، فصرخت عائشة بأعلى صوتها، وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول، وعنده نساؤه: "لَيْتَ شِعْرِي أيَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلاَبُ الحَوْأَبِ؟ "، ثم ضربت عضدَ بعيرها، وقالت: ردوني، أنا - والله - صاحبة ماء الحوأب، فأناخوها يومًا وليلة، وقال لها عبد الله بن الزبير: إنه كذب - يعني: ليس هذا ماء الحوأب -، ولم يزل بها، وهي تمتنع، فقال لها: النجاء النجاء، فقد أدرككم علي بن أبي طالب، فارتحلوا نحو البصرة، واستولوا عليها بعد قتال مع عثمان بن حُنيف، وقُتِل من أصحابه أربعون رجُلًا، وأُمْسِكَ عثمان، فنُتِفَت لحيته وحواجبه، وسُجِن، ثم أُطلِق (١).

[* ذكر مسير علي - رضي الله عنه - إلى البصرة]

ولما بلغ عليًا مسيرُ عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة، سار نحوهم في أربعة آلاف من أهل المدينة، منهم أربع مئة ممن بايع تحت الشجرة، وثمان مئة من الأنصار، وكان مسيرُه في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين،


(١) انظر: "المختصر في أخبار البشر" لأبي الفداء الحموي (١/ ٢٣٧).