وأما زهدُه: فهو من الأمور المشهورة، التي يشترك في معرفتها الخاص والعام.
ومناقبه - رضي الله عنه - أكثر من أن تحصى.
بويم بالخلافة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قتل عثمان، يوم الجمعة، لخمس بقين من ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين، جاءت الصحابة وغيرهم إلى دار علي، فقالوا: نبايعك، فأنت أحق بها، فقال: أكون وزيرًا خيرٌ من أن أكون أميرًا، فأبوا عليه، فأتى المسجد، فبايعوه، وقيل: بايعوه في بيته.
وأول من بايعه: طلحةُ بن عبد الله، وكانت يد طلحةَ مشلولةً من نوبة أحد، فقال حبيب بن ذؤيب: إنا لله، أولُ من بدأ بالبيعة يدٌ شلَّاء، لا يتمُّ هذا الأمر، وبايعه الزبير والباقون.
وامتنع من البيعة جماعة، وسُمُّوا: المعتزلة؛ لاعتزالهم بيعة علي.
ثم بعد مبايعة علي بأريعة أشهر هرب طلحة والزبير، إلى مكة، وقالا: إنما بايعنا خشيةً على نفوسنا.
* ذكر مسير عائشة رضي الله عنها وطلحة والزبيرِ إلى البصرة: لما ولي عليُّ بن أبي طالب الخلافة، فارقه طلحة، والزبير، ولحقا بمكة - كما قدمنا -، واتفقا مع عائشة - رضي الله عنهم -، وكانت قد مضت إلى الحج، وعثمانُ محصور، ولما بلغ عائشةَ قتلُ عثمان، اعتظمت ذلك، ودعت إلى الطلب بدمه، وساعدها على ذلك طلحةُ، والزبير، وعبدُ الله بن عامر،