وقد تمثلت في حضرته الشريفة، وسمعت قراءة "صحيح البخاري" بقراءة الشيخ برهان الدين النعماني بين يديه، وأجازني به، وأذن لي في عقود الأنكحة بالمملكة الإسلامية، وكتب لي خطه الشريف بذلك مرتين، وحصل لي منه غاية الجبر، وترددت إلى حضرته الشريفة مراراً، وتحملت عليه الشهادة، وكان يأذن لي في الجلوس قريباً منه، ويكرمني غاية الإكرام.
وكان ابتداء تمثلي في حضرته الشريفة في شهر شعبان، سنة ثمان وثمانين وثمان مئة، ولا زلت أتردد إليه إلى حين ودَّعته للسفر في يوم الخميس، ثالث عشر جمادى الأولى، سنة تسع وثمانين وثمان مئة.
وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
[ذكر ملك أتابك عماد الدين الزنكي]
قد تقدم في ترجمة المستعلي بأمر الله العلوي: أن في أيامه اختلفت دولتهم، وضعُف أمرهم، وانقطعت من أكثر مدن الشام دعوتُهم، وانقسمت البلاد الشامية بين الأتراك والفرنج، ونزلوا أنطاكية في ذي القعدة، سنة تسعين وأربع مئة، ثم استولى على الشام جماعة، وملكوها، وأقاموا الحكم فيها، وتداولوها واحداً بعد واحد، إلى أن ملكها جمال الدين محمد بن بوري، وكان صاحب بعلبك بعد قتل شهاب الدين