وكان سخياً، وكان كثير الصلاة والصيام، وكان سبب كثرته الصيام: أن الخطيب كان يخطب يوم الجمعة فيقول: اللهم أصلح عبدك وخليفتك الإِمام الصوام القوام، فقال مجيبا له: والله لا كذبتُكَ، فكان يصوم النهار، ويقوم الليل ولا يمسك من المال إلَّا قوته خاصة وقوت عياله.
وفي أيامه غرقت بغداد حتى خرج الماء على الخليفة من تحت سريره، فنهض إلى الباب، فلم يجد طريقًا، فحمله خادم على ظهره حتى أخرجه، وأخذ الخليفة بُردةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلبسها، ثم أخذ القضيبَ بيده، ووقف يصلي ويتضرع إلى الله تعالى، وهو صائم يومه، ولم يطعم ليلته، ففرج الله عن الناس.
وتوفي في ليلة الخميس، ثالث عشر شعبان، سنة سبع وستين وأربع مئة، وعمره أربع وسبعون سنة، وثمانية شهور، وثمانية أيام، وخلافته أربع وأربعون سنة، وثمانية أشهر، ويومان.
* * *
[خلافة المقتدي بأمر الله]
هو أبو القاسم، عبدُ الله بنُ محمَّد الذخيرة بنِ القائم.
بويع له بالخلافة لما توفي القائم، وحضر مؤيدُ الملك بنُ نظام الملك والوزير ابنُ جهير، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، ونقيب النقباء طَرَّاد الزينبي، والقاضي أبو عبد الله الدَّامغاني، وغيرهم من الأعيان، فبايعوا بالخلافة، ولم يكن للقائم ولد ذكر سواه؛ فإن محمَّد بنَ