بويع له بعد عمه القاهر يوم الأربعاء، لست خلون من جمادى الأولى، سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وكان أسمر اللون، خفيف العارضين، وكان أديباً شاعرًا، وهو آخر خليفة خطب على منبر يوم الجمعة.
ولما أراد الخطبةَ، أرسل إلى الفقيه إسماعيل بن علي، وقال له: قد عزمتُ على أن أصلي بالناس غدًا صلاة الجمعة، فكيف أقول إذا بلغتُ الدعاء لنفسي؟ قال: تقول: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}[النمل: ١٩] الآية، فقال: حسبك وهزء بقوله.
وأفسد دولته أبو علي بنُ مُقْلَة؛ فإنه كتب إلى بجكم التركي، يُطمعه في بغداد، فكان من أعلمَ الخليفة بذلك، فأمر بقطع يده، وقال: هذا سعى في الأرض الفساد، فكان ابن مقلة ينوح على يده، ويقول: خدمت بها ثلاثة خلفاء، وكتبت بها القرآن مرتين، وتُقطع كما تقطع اللصوص، ولم يكن في زمانه من يساويه في حسن الخط واللباقة.
ولما غضب الخليفة على ابن مقلة، وأمر بقطع يده، لم يأت أحد إليه متوجعا، ثم في أثناء ذلك رضي الخليفة، وخلع عليه، فأتته الناس يهنونه أفواجا فأنشد: