هو أبو عبد الله، محمدُ بنُ جعفرٍ المتوكل بنِ المعتصم بنِ هارونَ الرشيد.
ولد سنة اثنتين وثلاثين ومئتين، ولم يل الخلافة قبلَه أصغرُ منه.
بويع له عند خلع المستعين، سنة اثنتين وخمسين، وهو ابن تسعَ عشرةَ سنة، وكتب بذلك إلى جميع الآفاق، وكانت خلافته ثلاث سنين، وستة أشهر، وأربعة عشر يوما، ومات عن نحو ثلاث وعشرين سنة.
ثم خَلع نفسه من الخلافة، وقُتل.
وكان سبب خلعه: أن الجند اجتمعوا، وطلبوا منه أرزاقهم، فلم يكن عنده شيء يعطيهم، فسأل أمه أن تقرضه شيئًا يدفعهم به عنه، فلم تعطه شيئًا، وأظهرت أن لا شيء معها، فاجتمع الأتراك على خلعه، ثم دخلوا عليه، فتناولوه بالدبابيس يضربونه، وما زالوا به حتى خلع نفسَه من الخلافة، ثم سلَّموه إلى من يسومه سوءَ العذاب، ومنع الطعام والشراب ثلاثة أيام، حتى جعل يطلب شربة من ماء البئر، فلم يُسق، ثم أدخلو سرداباً فيه جص، فدسوه فيه، فأصبح ميتًا، فاستلُّوه من الجص سليمَ الجسد، وأشهدوا عليه جماعةً من الأعيان أنه مات، وليس به أثر، وكان ذلك اليوم الثاني من شعبان، في السنة الخامسة والخمسين بعد المئتين، وصلى عليه المهتدي، ودُفِن عند أخيه المنتصر، إلى جانب قصر الصوامع.