للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها جراباتهم، وتقارب الناس، ولم يكن بينهما حرب، وكان ذلك في جمادى الأولى.

وفي هذه الغزوة قال رجُل من غطفان لقومه: ألا أقتل لكم محمدًا؟ قالوا: بلى، وحضر إلى عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: يا محمد! أُريد أن أنظر إلى سيفك، وكان محلًّى بفضة، فدفعه إليه، فأخذه، واستلَّه، ثم جعل يهزُّه ويهمُّ، ويَكْبِتُه الله، ثم قال له: يا محمد! ما تخافني؟ فقال له: "لا أَخافُ منكَ"، ثم ردّ سيفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [المائدة: ١١] (١).

* وفيها: كانت غزوة بدر الثانية، وتسمى - أيضًا -: غزوة السَّويق.

ففي (٢) شعبان من السنة الرابعة خرج رسولُ الله - رضي الله عنه - إلى بدر لميعاد أبي سفيان بن حرب حتى نزل بدرًا، فأقام عليها ثمانية ليالي ينتظر أبا سفيان، وخرج أبو سفيان في أهل مكة إلى مَرِّ الظَّهْران، وقيل: إلى عُسفان، ثم رجع، ورجعتْ قريشٌ معه، فسمّاهم أهلُ مكة جيشَ السَّويق، يقولون: إنما خرجتُم تشربون السويق، فلما لم يأت، انصرف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، والله سبحانه أعلم.

* * *


(١) رواه الطبري في "تاريخه" (٢/ ٨٦)، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.
(٢) في الأصل: "وفي".