للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت: نعم، وإلَّا عذبني الله عذاب العشار، فأطلقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم تلبث أن جاءت تَلَمَّظ، فشدَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الخباء، وأقبل الأعرابي ومعه قربة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتبِيعُنِيْها؟ "، قال: هي لك يا رسول الله، فأطلقَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال زيد بن أرقم: فأنا - والله - رأيتها تسيح في البرية، وتقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله (١).

[* ذكر قصة الجمل المستجير بالنبي - صلى الله عليه وسلم -]

عن تميم بن أوس الدارِيِّ، قال: كنا جلوسًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ أقبل بعير يعدو حتى وقف على هامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزعًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّها البعيرُ! اسْكُنْ، فإن تَكُ صادقًا، فلكَ صدقُك، وإن تَكُ كاذبًا، فعليكَ كذبُك، مع أن الله تعالى قد آمَنَ عائذَنا، وليس بخائبٍ لائذُنا".

فقلنا: يا رسول الله! ما يقول هذا البعير؟ فقال: "هذا بعير همَّ أهلُه بنحره، وأكلِ لحمه، فهرب منهم، فاستغاث بنبيكم".

فبينما نحن كذلك، إذ أقبل أصحابه، فلما رآهم البعير، عاد إلى هامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلاذ بها، فقالوا: يا رسول الله! هذا بعيرنا هرب منا منذ ثلاثة أيام، فلم نَلْقَه إلا بين يديك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَما إنه يشكو، فبِئْسَتِ الشِّكايةُ".


(١) تقدم تخريجه. وفي بعضه نكارة، كما قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (٦/ ١٤٩).