في يوم السبت، الثامن والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة، فتوجه الناصر داود مع الحاج العراقي، وأقام ببغداد، فلما أقام بها بعد وصوله من الحجاز، واستشفاعِه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ردِّ وديعته في سنة أربع وخمسين وست مئة، أرسل الخليفةُ المستعصمُ مَنْ حاسبَ الناصر على ما وصله في ترداده إلى بغداد من المضيف، مثل: اللحم والخبز والحطب والعليق والتبن، وغير ذلك بأعلى الأثمان، وأرسل إليه شيئاً نَزْراً، وألزمه أن يكتب خطه بقبض وديعته، وأنه ما بقي يستحق عند الخليفة شيئاً، فكتب خطه بقبض وديعته وأنه ما بقي يستحق عند الخليفة شيئاً فكتب خطه بذلك كرهاً، وسار عن بغداد، وأقام مع العرب، ثم أرسل إليه الناصر يوسف بن العزيز صاحب الشام، فطيَّب قلبه، وحلف له، وقدم إلى دمشق، وأقام بالصالحية، ثم توجه إلى جهة بغداد.
وفي سنة خمس وخمسين وست مئة: ظهرت نار بالحَرَّة عند مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكان لها بالليل ضوء عظيم يظهر من مسافة بعيدة جداً، ولعلها النار التي ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علامات الساعة، فقال:"نَارٌ تَظْهَرُ بِالحِجَازِ تُضِيءُ لَهَا أَعْنَاقُ الإِبِلِ بِبُصْرَى"(١)، ثم إن الخدام بحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقع منهم في بعض الليالي تفريط، فاشتعلت النار بالمسجد الشريف، وأحرقت سقوفه، ومنبرُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتألم الناس لذلك.
وفي سنة ست وخمسين وست مئة: في ليلة السبت، السادس
(١) رواه البخاري (٦٧٠١)، ومسلم (٢٩٠٢)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.