محمود بن بوري بن طغتكين صاحبِ دمشق، وكان قتلُ محمود المذكور في شوال، سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
[ثم في] سنة أربع وثلاثين وخمس مئة سار عماد الدين أبو الجود زنكي ملكُ الموصل إلى دمشق، وحصرها، وزحف عليها، بعد أن كان ملك حلب وحماة وحمص وبعلبك، وغير ذلك.
وكان ابتداء ملكه لحلب في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة، فلما سار إلى الشام، وزحف عليها في سنة أربع وثلاثين المذكورة، بذل لصاحبها جمال الدين محمد بعلبكَّ وحمصَ، فلم يأمنوا إليه؛ بسبب غدره بأهل بعلبك، وكان نزوله على داريَّا في ثالث عشر ربيع الأول، واستمر ملازماً لدمشق، فمرض في تلك المدة جمالُ الدين محمد بوري صاحبُ دمشق، ومات في ثامن شعبان، فطمع زنكي حينئذ في ملك دمشق، وزحف عليها، واشتد القتال، فلم ينل غرضاً.
ولمَّا مات جمال الدين محمد، أقام معين الدين أنز في الملك ولده مجير الدين أرتق بن محمد بن بوري بن طغتكين، واستمر أنز يدبر الدولة، فلم يظهر لموت جمال الدين محمدٍ أثر.
ثم رحل زنكي، ونزل بعذرا من المرج في سادس شوال، وأحرق عدة من قرى المرج، ورحل عائداً إلى بلاده، وملك عدة أماكن، منها: شهرزور، ومنها: قلعة است، وكانت من أعظم حصون أكراد الهكارية، ثم سار إلى ديار بكر، ففتح منها طبرة، وأسعرد، وحيراز، وحصن