وكان أكبر أولاده الملك الأفضل نور الدين علي بن يوسف، ولد بمصر سنة خمس وستين وخمس مئة، وكان العزيز عثمان أصغر منه بنحو سنتين، وكان الظاهر صاحب حلب أصغر منهما، وبقيت البنت حتى تزوجها ابن عمها الملك الكامل صاحب مصر.
ولم يخلِّف السلطان صلاح الدين في خزائنه غير سبعة وأربعين درهماً، وصورياً واحداً ذهباً، وهذا من رجل له الديارُ المصرية والشام وبلاد الشرق واليمن دليلٌ قاطع على فرط كرمه، ولم يخلِّف داراً ولا عقاراً، ولم يكن له فرس يركبه إلا وهو موهوب، أو موعود به، ولم يؤخر صلاة عن وقتها، ولا صلى إلا في جماعة.
وكان إذا عزم على الأمر، توكل على الله، وكان كثير سماع الحديث النبوي، وقرأ مختصراً في الفقه تصنيف سُلَيم الرازي، وكان حسن الخلُق، صبوراً على ما يكره، كثير التغافل عن ذنوب أصحابه، يسمع من أحدهم ما يكره، ولا يُعلمه بذلك، ولا يتغير عليه.
وكان يوماً جالساً، فرمى بعض المماليك بعضاً بسر موزة، فأخطأته، ووصلت إلى السلطان، فأخطأته، ووقعت بالقرب منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى؛ ليتغافل عنها.
وكان طاهر المجلس، فلا يُذكَر أحدٌ في مجلسه إلا بالخير، وطاهر اللسان، فما يولع بشتم قط.