للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، وكتم أصحابَه إسلامَه، ثم خرج عامدًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقي خالدَ بنَ الوليد، وذلك قُبيل الفتح، وهو مقبلٌ من مكة، فقال: إلى أين يا بنَ أبي سليمان؟ فقال: والله! لقد استقام الميسم - أي: ظهرت العلامة -، وإن الرجلَ لنبي، أذهبُ - والله - إليه أُسلم، فحتى متى؟ قال: وأنا - والله - ما جئتُ إلا لأُسلم، فقدما المدينةَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتقدم خالدُ بنُ الوليد فأسلم، وبايع، ثم دنا عمرو، فقال: يا رسول الله! إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخَّر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا عَمْرُو! بايِعْ؛ فإنَّ الإسلامَ يَجُبُّ ما كانَ قبلَهُ، وإن الهِجْرَةَ تَجُبُّ ما قبلَها"، فبايعه، ثم انصرف، وأسلم عثمانُ بن طلحة بن عبد الدار (١).

* وفيها - أعني: سنة ثمان من الهجرة -: كانت غزوة مؤتة، وهي أول الغزوات بين المسلمين والروم، وكانت في جمادى الأولى، ومؤتة من أرض الشام، وهي قِبليَّ الكَرَك.

وكان سببها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث الحارثَ بنَ عُميرٍ رسولًا إلى ملك بصرى بكتاب، كما بعث إلى سائر الملوك، فلما نزل مؤتة، عرض له عَمْرُو بنُ شرحبيل الغساني، فقتله، ولم يُقتل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولٌ غيره.

* وفيها: اتُّخذ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر، وكان يخطُب إلى جِذْع نخلة، فلما كان يومُ الجمعة، خطب على المنبر، فَأَنَّ الجذعُ الذي كان


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٩٨).