للمستضيء، ويقطعوا خطبة العاضد، فامتثلوا ذلك، ولم ينتطح فيها عنزان، وكانت قد قطعت الخطبة لبني العباس من ديار مصر من سنة تسع وخمسين وثلاث مئة في خلافة المطيع العباسي، حين تغلب الفاطميون على مصر أيام المعز الفاطمي باني القاهرة إلى هذا الآن، وذلك مئتا سنة وثمان سنين.
وكان العاضد قد اشتد مرضه، فلم يُعلمهُ أحد من أهله بقطع خطبته، فتوفي العاضد يوم عاشوراء، سنة سبع وستين وخمس مئة، ولم يعلم بقطع خطبته.
ولما توفي العاضد، جلس صلاح الدين للعزاء، واستولى على قصر الخلافة، وعلى جميع ما فيه، وكان كثرتهُ تخرج عن الإحصاء، وكان فيه أشياء نفيسة من الأعلاق المثمنة، والكتب والتحف، فمن ذلك الحبل الياقوت، وكان وزنهُ سبعةَ عشرَ درهماً، أو سبعةَ عشرَ مثقالاً.
وقيل: أنه كان بالقصر طبلٌ للقولنج، إذا ضرب الإنسان به، شرط، فكسر، ولم يعلموا به إلا بعد ذلك.
ونقل صلاح الدين أهل العاضد إلى موضع من القصر، ووكل بهم من يحفظهم، وأخرج جميع من فيه من عبد وأمة، فباع البعض، وعتق البعض، ووهب البعض، وخلا القصر من سكانه كأن لم يغن بالأمس.
ولما اشتد مرض العاضد، أرسل إلى صلاح الدين يستدعيه، فظن ذلك خديعة، فلم يمض إليه، فلما توفي، علم صدقه، فندم؛ لتخلفه عنه.