للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطّأ له البلاد، وحكم على أهل الزيغ والعناد، من باب إفريقية إلى البحر المحيط، ومن جهة المشرق من باب إفريقية إلى أعمال مصر، ولم يبق بلد من هذه البلاد إلا أقيمت فيه دعوته، وخُطب له في جمعته وجماعته، إلا مدينة سبتة، فإنها بقيت لبني أمية أصحابِ الأندلس.

ولما وصل الخبر إلى المعز بموت كافور الأخشيديِّ صاحبِ مصر، تقدم المعز إلى القائد جوهر المذكور؛ ليتجهز للخروج إلى مصر، فخرج أوّلاً إلى جهة المغرب لإصلاح أموره، وكان معه جيش عظيم، وجمع قبائل العرب الذين توجه بهم إلى مصر، وجبي القطائع التي كانت على البربر، فكانت خمس مئة ألف دينار.

وخرج المعز بنفسه في الشتاء إلى المهديَّة، وأخرج من قصور آبائه مئة ألف حِمل دنانير وأمتعة وسلاح، وعاد إلى قصره، ثم عاد جوهر بالرجال والأموال، وكان قدومه على المعز يوم الأحد، لثلاثٍ بقين من المحرم، سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة.

وأمر المعزُّ بالخروج إلى مصر، فخرج ومعه أنواع القبائل، وأنفق المعز في المسير صحبته أموالاً عظيمة، حتى أعطى ألف دينار إلى عشرين، وغمر الناسَ بالعطاء، وانصرفوا إلى القيروان وغيره في شراء جميع حوائجهم، ورحلوا ومعهم ألفُ حمل من المال والسلاح، ومن الخيل والعدد ما لا يوصف، وكان في مصر تلك السنة غلاء عظيم ووباء، خى مات في مصر وأعمالها في تلك السنة ستُّ مئة ألف إنسان - على ما قيل -.

ولما كان منتصف شهر رمضان، سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة،