للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصلت البشارة إلى المعز بفتح الديار المصرية، ودخول عساكره إليها، ثم وصلت النجب بعد ذلك بصورة الفتح، وكانت كتب جوهر تتردد إلى المغرب باستدعائه إلى مصر، وتحث المعزَّ على ذلك، ثم أرسل إليه يخبره بانتظام الحال بمصر والشام والحجاز، وإقامة الدعوى له بهذه المواضع، فسُرَّ المعز بذلك سروراً عظيماً.

ولما ثبت قواعدَه بالديار المصرية، استخلف على إفريقية بكتكين الصماخي، وخرج المعز متوجهاً إليها بأموال جليلة المقدار، ورجال عظيمة الأخطار، وكان خروجه من المنصورية دار ملكه لثمان بقين من شوال، سنة إحدى وستين وثلاث مئة، وانتقل إلى سودانية، وأقام بها ليجمع رجاله وأتباعه، ومَنْ يستصحبه معه، وفي هذه المنزلة عقد العهدَ لبكتكين، ورحل عنها يوم الخميس، خامس صفر، سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، ولم يزل في طريقه، يقيم بعض الأوقات في بعض البلاد أياما، ويجد المسير في بعضها، ودخل الإسكندرية لست بقين من شعبان من السنة، وركب فيها، ودخل الحمام، وقدم عليه قاضي مصر، وهو أبو طاهر محمد بن أحمد، وأعيان أهل البلاد، وسلَّموا، وجلس لهم، وخاطبهم خطاباً طويلاً يخبرهم فيه: أنه لم يرد دخول مصر لزيادة في ملكه، ولا مالٍ، وإنما أراد إقامة الحق والحج والجهاد، وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة، ويعمل ما أمره به جده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووعظهم، وأطال حتى بكى بعض الحاضرين، وخلع على القاضي وبعض الجماعة، وودعوه، وانصرفوا.