وقيل: إن ابن الزبير كتب إلى عامله بالمدينة أن لا يترك بها من بني أمية أحدًا.
ولو سار ابن الزبير مع الحصين إلى الشام، أو صانعَ بني أميةَ ومروانَ، لاستقرّ أمره، ولكن لا مردّ لما قدّره الله تعالى.
ولما بويع عبدُ الله بن الزبير بمكة، وكان عبيد الله بن زياد بالبصرة، فهرب إلى الشام، وبايع أهلُ البصرة ابنَ الزبير، واجتمعت له العراقُ والحجاز واليمن، وبَعَث إلى مصر، فبايعه أهلُها، وبايع له في الشام سرًا الضحّاكُ بن قيس، وبايع له بحمص النعمانُ بن بشير الأنصاريُّ، وبايع له بقنسرين زُفَرُ بن الحارث الكلابي، وكاد يتمُّ له الأمر بالكلِّية.
وكان عبد الله بن الزبير شجاعًا، كثير العبادة، وكان به البخل، وضعفُ الرأي.
ثم أرسل ابن الزبير المختارَ بن عُبيد إلى الكوفة؛ ليستخرج له من أهلها جندًا، فنزل ناحية منها، وانضاف إليه جماعةٌ من أهلها، وابتنى لنفسه دارًا، واتخذ بستانا، أنفق عليه أموالًا عظيمة، أخرجها من بيت مال المسلمين، وفرّق الأموال على الناس تفرقة واسعة، وكتب إلى ابن الزبير أن يعتد له بما أنفق من بيت المال، فأبى ابن الزبير ذلك عليه، فخلع المختارُ طاعتَه، وجحد بيعتَه، وكتب إلى عليِّ بن الحسين يعرفه أنه يبايعه، ويبايع له الناس، ويظهر دعوته، فأبى عليُّ بن الحسين قبولَ ذلك.