فلما جلستُ بين يديه، قلت: يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلعَ من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قلت: فإني أُمسك سهمي الذي بخيبر، ثم قلت: يا رسول الله! إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقًا ما بقيت.
فوالله! ما أنعم الله عليَّ نعمة قطُّ بعد أن هداني للإسلام، أعظمَ في نفسي من صدقي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، أن لا أكون كذبته، فأهلكَ كما هلك الذين كذبوا؛ فإن الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٩٥، ٩٦](١).