للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء (١) حدثَ، فاضربوا مشارقَ الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الأمر الذي حال بينكم وبين خبر السماء. قال: فانطلَقَ الذين اتجهوا نحو تهامة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنخلةَ وهو عائدٌ إلى سوق عُكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاةَ الفجر، فلما سمعوا القرآن، تسمَّعوا له، فقالوا: هذا الذي حالَ بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم، فقالوا: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن ١: ٢]، فأنزل الله على نبيه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: ١]، أخرجاه في "الصحيحين" (٢).

وعن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عباس - رضي الله عنهما -، قال: كان الجن يستمعون الوحي، فيسمعون الكلمة، فيزيدون فيها عشرًا، فيكون ما سمعوا حقًا، وما زادوه باطلًا، وكانت النجوم لا يُرمى بها قبل ذلك، فلما بُعِثَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان أحدهم لا يقعد مقعده إلا رُمي بشهاب يحرق ما أصاب، فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هذا إلا من أمرٍ قد حدث، فبثَّ جنودَه، فإذا هم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بين جبلَي نخلةَ، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا الحدثُ الذي حدث في الأرض.

قال ابن الجوزي: قلت: وهذا الحديث يدل على أن النجوم لم يُرم بها إلا لمبعث نبينا - صلى الله عليه وسلم -.


(١) في الأصل: "ما".
(٢) رواه البخاري (٤٦٣٧)، ومسلم (٤٤٩).