فأعتقه، فهاجر، وشهد المشاهد كلَّها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومنهم: عمار بن ياسر أبو اليقظان العنسي - بالنون -: أسلم عمار هو وأبوه ياسر، وأمه سمية، فكانوا يُخرِجون عمارًا وأباه وأمه إلى الأبطح إذا حميت الشمس، يعذبونهم بحرِّ الرمضاء، فمات ياسرٌ في العذاب، وأغلظَتْ سميةُ القولَ لأبي جهل، فطعنها في فرجها بحربة، فماتت، فهي أول شهيدة في الإسلام، وشدّدوا العذاب على عمار حتى فعل ما أمروه به، فتركوه، فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره بما كان. قال:"فكيفَ تَجِدُ قلبَكَ؟ "، قال: أجده مطمئنًّا بالإيمان، فقال:"يا عَمَّارُ! فإنْ عَادُوا، فَعُدْ"(١)، فأنزل الله تعالى:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦].
وشهد عمارٌ المشاهدَ كلَّها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقُتِل بِصِفِّين مع عليٍّ - رضي الله عنه -، وعمره نَيِّفٌ وتسعون سنة.
ومنهم: خَبَّابُ بنُ الأَرَتِّ: وكان أبوه سواديًا من كسكر، وكان إسلامه قديمًا، قيل: سادس ستة، فأخذه الكفار وعذبوه عذابًا شديدًا، فكانوا يُعرونه، ويُلصقون ظهره بالرمضاء بالرَّضْف، وهي الحجارة المحمَّاة بالنار، ثم كووا رأسه، فلم يُجبهم إلى شيء مما أرادوا.
ومنهم: صُهَيْب بنُ سنانٍ الروميُّ: كان ممن يُعَذَّب في الله، فلم يرجع عن دينه.
(١) رواه الحاكم في "المستدرك (٣٣٦٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٠٨).