العافية؛ بمكانه من الله - عَزَّ وَجَلَّ -، وعمِّه أبو طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم، قال لأصحابه:"لو خَرَجْتُم إلى أرضِ الحبشة؛ فإنَّ بها ملكًا لا يُظلَم أحدٌ عندَه، حتى يجعلَ اللهُ لكم فَرَجًا ومَخْرَجًا مما أنتمْ فيه"(١).
فخرج المسلمون إلى أرض الحبشة مخافةَ الفتنة، وفرارًا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام، فخرج عثمان بن عفان، وزوجته رقيةُ بنتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - معه، وأبو حذيفة بنُ عتبةَ بنِ ربيعة، وزوجتُه سهلَةُ بنتُ سهيلِ بنِ عمرٍو معه، والزبيرُ بن العوام، وتمامُ الأحدَ عشرَ رجلًا، وأربعُ نسوة، وكان مسيرُهم في رجب، سنة خمس من النبوة، فأقاموا شعبان، وشهر رمضان، ثم بلغهم أن قريشًا أسلموا، فقدِموا في شوال، فلما قربوا من مكة، بلغهم أن قريشا على ما هم عليه، فلم يدخل أحد منهم إلا بجوارٍ، أو مستخفيًا.
وأقام المسلمون بمكة يُؤْذَون، فلما رأوا ذلك، رجعوا مهاجرين إلى الحبشة ثانية، فخرج جعفر بن أبي طالب، وتتابع المسلمون إلى الحبشة، فكمل بها اثنان وثمانون رجلًا، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مقيم بمكة يدعو إلى الله سرًا وجهرًا.
ولما رأت قريش أن المهاجرين قد اطمأنوا بالحبشة وأمِنوا، وأن النجاشي قد أحسن إليهم، ائتمروا بينهم، فبعثوا عَمْرَو بنَ العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة، ومعهما هديةٌ إلى النجاشي وإلى أصحابه؛ ليردَّ