طورُ سيناءَ، حيثُ كلَّمَ الله موسى - عليه السلام -، ثم سرْنا، فقال لي: انزلْ فصلِّ، فنزلتُ فصلَّيت، فقال لي: هذا بيتُ لحم حيثُ وُلد عيسى - عليه السلام -، ثم سرنا حتى أتينا البيتَ المقدَّس، فلما انتهينا إلى باب المسجد، أنزلني جبريلُ، وربط البراقَ بالحَلْقة التي كانت تربط بها الأنبياءُ - عليهم السلام -، فلما دخلت المسجد، إذا أنا بالأنبياء - وقيل: بأرواح الأنبياء - الذين بعثهم الله تعالى قبلي، فسلَّموا عليَّ، فقلت: يا جبريلُ! من هؤلاء؟ قال: إخوتك من الأنبياء، زعمتْ قريشٌ أنّ لله شريكًا، وزعمتِ النصارى أن لله ولدًا، اسأل هؤلاء النبيين: هل كان لله - عَزَّ وَجَلَّ - شريك؟ فذلك قوله تعالى:{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}[الزخرف: ٤٥]، فأقروا، بالوحدانية لله - عَزَّ وَجَلَّ -، ثم جمعهم جبريل، وقدّمني، فصليت بهم ركعتين.
ثم انطلق بي جبريل إلى الصخرة، فصعِدَ بي عليها، فإذا معراجٌ إلى السماء، لا ينظر الناظرون إلى شيء أحسنَ منه، ومنه تعرجُ الملائكة، أصلُه في صخرة بيتِ المقدس، ورأسُه ملتصقٌ بالسماء، فاحتملني جبريل، ووضعني على جناحه، وصَعِدَ بي إلى سماء الدنيا، فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أقد بُعِث؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، ونعم المجيء جاء، ففتح، فدخلنا.
فإذا أنا برجل تام الخَلْق، عن يمينه بابٌ يخرج منه ريحٌ طيبة، وعن شماله بابٌ تخرج منه ريحٌ خبيثة، فإذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه، ضحك، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله، بكى، فقلت: من هذا؟