للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحرم سنة سبع، وسار إلى خيبر في ألف وأربع مئة فارس، وخيبرُ على ثمان بُرُدٍ من المدينة، واستخلف على المدينة سباعَ بنَ عرفطة الغفاري، ولما أشرفَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على خيبر، قال لأصحابه: "قفوا"، ثم قال: "اللهمَّ ربَّ السَّمَواتِ وَما أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضيِنَ وَما أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّياحِ وَمَا ذَرَيْنَ، نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ القَرْيَةِ، وخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ أَهْلِهَا، وَشَرِّ مَا فِيَها، أَقْدِمُوا بِاسْمِ الله" (١)، ونزل على خيبر ليلًا، ولم يعلم أهلها.

فلما أصبحوا، خرج أهلها إلى عملهم، ومعهم مَكاتِلُهم ومَساحيهم، فلما رأوه، عادوا، وقالوا: محمدٌ والخميسُ - يعنون: الجيش -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الله أكبرُ خَرِبَتْ خيبرُ، إِنَّا إِذا نَزَلْنا بِساحَةِ قَوْمٍ؛ فَسَاءَ صَبَاحُ المنذَرِينَ" (٢)، ثم حاصرهم، وضيّق عليهم، وبدأ بالأموال يأخذها مالًا مالًا، ويفتحها حصنًا حصنًا.

وأصاب منهم سبايا، منهن: صفيةُ بنتُ حُيَيِّ بنِ أخطبَ، وكانت عندَ كِنانَة بنِ الربيع بنِ أبي الحُقَيْق، فاصطفاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه، وتزوَّجها، وجعل عِتْقَها صَداقَها، وهذا مذهبُ الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -، وهو من مفردات مذهبه.

ثم افتتح حصنَ الصَّعْب، وما كان بخيبر حصنٌ أكثر طعامًا


(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٢/ ٣٥٩)، عن أبي معتب بن عمرو.
(٢) رواه البخاري (٣٦٤)، ومسلم (١٣٦٥)، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.