للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معتذرًا إليه أبياتًا، فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره، وقال: "أنتَ طردتني كُلَّ مطرد؟ " (١).

وكان أبو سفيان بعد ذلك ممن حَسُن إسلامه، فيقال: إنه ما رفع رأسَه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلم حياءً منه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبه، ويشهد له بالجنة، ويقول: "أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَلَفًا مِنْ حَمْزَةَ".

وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبيرَ بنَ العوام أن يدخل ببعض الناس من كدى، وأمر سعدَ بن عبادة سيدَ الخزرج أن يدخل ببعض الناس من ثنية كَداء، ثم أمر عليًا أن يأخذ الرايةَ منه، فيدخل بها؛ لما بلغه من قول سعد: اليومَ يومُ الملحَمة، اليومَ نستحلُّ الحرمة، وأمر خالدَ بن الوليد أن يدخل من أسفل مكة في بعض الناس، وكلُّ هؤلاء الجنود لم يقاتلوا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القتال، إلا أن خالد بن الوليد لقيه جماعةٌ من قريش، فرمَوْه بالنبل، ومنعوه من الدخول، فقاتلهم خالد، فقتلَ من المشركين ثمانيةً وعشرين رجلًا، فلما ظهر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، قال: "أَلَمْ أَنْهَهُ عَنِ القِتَالِ؟ ! "، فقالوا له: إن خالدًا قوتل فقاتل، وقُتل من المسلمين رجلان (٢).

وكان فتح مكة يوم الجمعة، لعشر بقين من رمضان، ودخل رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومَلَكَها عنوةً بالسيف، وإلى ذلك ذهبَ الشافعيُّ، وهو الصحيحُ من مذهب أحمد بن حنبل - رضي الله عنهما -، وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: إنها


(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣/ ٤٦)، عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٢/ ١٣٣).