للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما اطمأن الناس، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطواف، فطاف بالبيت سبعًا على راحلته، واستلم الركن بِمحْجَنٍ كان بيده (١)، ودخل الكعبة، ورأى فيها الشخوصَ، على صورة الملائكة، وصورةَ إبراهيم، وفي يده الأزلامُ يستقسمُ بها، فقال: "قاتَلَهُمُ اللهُ! جَعَلُوا شَيْخَنا يَسْتَقْسِمُ بالأَزْلامِ، ما شَأْنُ إِبراهيمَ وَالأَزْلام"، ثم أمر بتلك الصور فطُمست، وصلَّى بالبيت (٢).

ثم جلس - صلى الله عليه وسلم - على الصفا، واجتمع الناس لبيعته على الإسلام، فكان يبايعهم على السمع والطاعة لله ولرسوله، فبايع الرجال، ثم النساء.

وأهدر دمَ ستة رجالٍ، وأربعِ نسوةٍ:

فأولهم: عكرمةُ بن أبي جهل، ثم استأمنت له زوجتُه أمُّ حكيم، فآمنه، فقدم عكرمةُ، وأسلمَ.

ثانيهم: هَبَّارُ بن الأَسود.

ثالثهم: عبدُ الله بن سعدِ بنِ أبي سَرْحٍ، وكان أخا عثمانَ بن عفان من الرضاعة، فأتى عثمانُ به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وسأله فيه، فصمتَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - طويلًا، ثم آمنه، فأسلم، وقال لأصحابه: "إنما صَمَتُّ لِيَقُومَ أَحَدُكُمْ فَيَقْتُلَهُ"، فقالوا: هلاَّ أومأت إلينا، فقال لهم: "إنَّ الأنبياءَ لا تَكُون لهم


(١) رواه أبو داود (١٨٧٨)، وابن ماجه (٢٩٤٧)، عن صفية بنت شيبة - رضي الله عنها -.
(٢) رواه ابن هشام في "السيرة النبوية" (٥/ ٧٥)، وأصله عند البخاري (٣١٧٤)، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.