الأمرَ، فيولوا منهم من أحبوا، وإني قد خلعتُ عليًا ومعاوية، فاستقبلوا أمركم، وولُّوا عليكم مَنْ رأيتموه لهذا الأمر أهلًا، ثم تنحى.
وأقبل عمرٌو، فقام مقامه، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن هذا قد قال ما سمعتم، وخلع صاحبه، وأنا أخلعُ صاحبه كما خلعه، وأُثبتُ صاحبي، فإنه وليُّ عثمانَ، والطالبُ بدَمِه، وأحقُّ الناس بمقامه.
فقال له أبو موسى: ما لَكَ لا وَفَّقك اللهُ غدرتَ وفجرت؟ !
وركب أبو موسى، ولحق بمكةَ حياءً من الناس، وانصرف عمرو وأهلُ الشام إلى معاوية، فسلَّموا عليه بالخلافة، ومن ذلك الوقت أخذ أمرُ عليٍّ في الضعف، وأمرُ معاوية في القوة.
ولما اعتزلت الخوارجُ عليًا، دعاهم إلى الحق، فامتنعوا، وقتلوا كلَّ من أرسله إليهم، وكانوا أربعة آلاف، ووعظهم، ونهاهم عن القتال، فتفرقت منهم جماعة، وبقي مع عبد الله بن وهب جماعة على ضلالتهم، وقاتلوا، فقُتلوا عن آخرهم، ولم يُقتل من أصحاب علي سوى سبعة أنفس، أَوَّلُهم: يزيد بن نُويرة، وهو ممن شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة أحد.
ولما رجع علي إلى الكوفة، حض الناس على المسير إلى قتال معاوية، فتقاعدوا، وقالوا: نستريح، ونصلح عدتنا، فاحتاج علي لذلك أن يدخل الكوفة.
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين: فيها جهز معاويةُ عمرَو بن العاص