للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتوفي العباس يوم الجمعة، لأربع عشرة خلت من رجب، سنة اثنتين وثلاثين، وكان قد كُفَّ بصرُه، وله ثمان وثمانون سنة، وكان من أجود قريش.

ولدُه عبدُ الله بن عباس - رضي الله عنهما -: ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وحنّكه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريقه المقدَّس، ولا يُعلم أن أحدًا حُنِّك بريقِ النبوةِ غيره.

وكان - رضي الله عنه - حبر الأمة، ويسمى: البحر؛ لغزارة علمه - رضي الله عنه -، قال: رأيت جبريلَ مرتين، ودعا لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة مرتين (١).

ومن ولده علي ذو الثفنات أبو الخلفاء - رضي الله عنه -، وقيل له: السَّجاد؛ لأنه كان يصلِّي كلَّ يوم وليلة ألف ركعة، وكان أزهدَ أهل زمانه، وأعبدَهم.

وتوفي عبد الله بن العباس بالطائف، سنة ثمان وستين، وهو ابن إحدى وسبعين سنة، ولما وضع ليُصلَّى عليه، جاء طائر أبيضُ حتى دخل في أكفانه، فالتُمس، فلم يوجد، فلما سُوِّي عليه التراب، سُمع صوت لا يُرى شخصه: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٢٧ - ٣٠]، وصلَّى عليه محمد بن الحنفية - رضوان الله عليهما -.

وابتدأ أمر بني العباس يظهر، والدُّعاة لهم في البلاد تَكْثُر إلى سنة


(١) رواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (١٥٦١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٦١٥).