للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخائف، وإنصاف المظلوم، وكان يقول: إذا جلستُ للمظالم، فأدخلوا عليَّ القضاةَ، فلو لم يكن رَدِّي للمظالم إلا للحياء منهم.

وكان سخيًا، وبسطَ يدَه في العطاء، وبنى مسجد الرُّصافة، وخندقها، وكان كثير الولاية والعزل بغير سبب، وبنى العَلَمين اللذين يُسعى بينهما.

وحجَّ بالناس سنة ستين ومئة، وجرَّد الكعبة، وكساها الديباج، وطلى جدرانها بالمسك والعنبر من أعلاها إلى أسفلها، وكانت الكعبة في جانب المسجد، لم تكن متوسطة، فهدم حيطانَ المسجد الحرام، وزاد فيه زيادات، واشترى الدور والمنازل، وأحضر المهندسين، وصَيَّر الكعبة في الوسط، ووسَّع مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزاد فيه، وحمل العُمُد الرخام والذهب، ورفع سقفه، وألبسَ خارجَ القبر الشريف المقدس الرخامَ.

وكانت عمارته للمسجد الحرام، ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في سبع وستين ومئة، وكان قبل ذلك في سنة إحدى وستين أمر باتخاذ المصانع في طريق مكة، وتجديد الأميال والبُرد، وبتقصير المنابر في البلاد، وجعلها بمقدار منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولما حج المهدي، دخل إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يبق أحدٌ إلا قام له، إلا ابن أبي ذؤيب، فقيل له: قم، هذا أمير المؤمنين، فقال: إنما يقوم الناس لربّ العالمين، فقال المهدي: دعوه، فلقد قامت كل شعرة في رأسي.