للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومئتين، وكان عادلاً، ضابطًا، وأمر بردِّ المظالم، وأسقط المكوس التي كانت تؤخذ بالحرمين، وبذل المال، وحجَّ وغزا، وجالس المحدِّثين وأهلَ الفضل والدين، وأحسن التدبير، وقمع الفجار، وبالغ في العمارة، ورفق بالرعية، وأمر أتباعه بلزوم الطرائق الحميدة، وعرَّفهم أن من أفسد من غلمانهم، أُخذ به مولاه، فأخذ بعضُ غلمان الأجناد حِصْرِماً من كرم، فأحضر أستاذَه الأمير، وضرب عنقه، ثم قال لوزيره عبيدِ الله بن سليمان: لعلك أنكرتَ قتلَ هذا الأمير بجرمٍ جَنَاهُ عبدُه؟ قال: هو ذلك يا أمير المؤمنين، قال: كنتُ في خلافة المعتمد قد رأيتُ هذا الأمير قتل رجلًا بغير ذنب عمدًا، ولم يكن له وارث، فنذرتُ لله تعالى إن ولاني الخلافة، قتلتُه به، فلما ولاني الله الخلافة، طلبتُ له العثرات حتى قتلتُه.

وهذا من فقه هذا الخليفة ودينه، وقال: والله ما حللت سراويلي على حرام قَطّ.

ومحاسنهُ كثيرة، ولم يل الخلافة من بني العباس بعدَ السفاح مَنْ لم يكن أبوه خليفة إلا المستعين، والمعتضد.

وتزوج قطرَ الندى ابنةَ خمارويه بن أحمد بن طولون، سنة إحدى وثمانين، وأصدَقَها ألف ألف درهم.

ثم توفي المعتضد ببغداد، ليلة الاثنين، لسبعٍ بقين من شهر ربيع الآخر، سنة تسع وثمانين ومئتين، وعمره ست وأربعون سنة.

ويقال: إن وزيره إسماعيلَ بنَ بلبل سَمَّه.