للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجل صوفي، وهو الشيخ نجم الدين الحبوساني، فأُحضر إليه، فلما رآه وسأله وأجابه، ظهر له منه ضعفُ الحال والصدق، والعجزُ عن إيصال المكروه إليه منه، فأعطاه شيئاً، وقال له: يا شيخ! ادع لنا، وأطلقَ سبيله، فتوجه إلى مسجده.

فلما استولى الناصر صلاح الدين، وعزم على قبض العاضد، واستفتى الفقهاء، فأفتوه بحل دمه؛ لما كان عليه من انحلال العقيدة، وفساد الاعتقاد، وكثرة الوقوع في الصحابة، والاستهزاء بهم، وكان أكبرهم في الفتيا الصوفي المقيم في المسجد؛ فإنه عدد مساوئ هؤلاء القوم، وسلب عنهم الإيمان، وأطال الكلام في ذلك، فصحَّت رؤيا العاضد بذلك.

وكانت وفاته في يوم عاشوراء، سنة سبع وستين وخمس مئة.

وسنذكر شيئاً من ذلك في ترجمة السلطان صلاح الدين - إن شاء الله تعالى -.

وقيل: إنه سم نفسه، فمات.

وكانت مدة خلافة الفاطميين من حين ظهور المهديِّ بسجلماسة في ذي الحجة، سنة ست وتسعين ومئتين، إلى أن توفي العاضد في التاريخ المذكور: مئتين، وسبعين سنة، وشهراً تقريباً -.

وهذا دأبُ الدنيا، لم تعط إلا واستردَّت، ولم تحلُ إلا وتمررت، ولم تصفُ إلا وتكدَّرت، بل صفوُها لا يخلو من الكدر.