فبينا هو يمشي في بعض الأيام، إذ وجد إسرائيلياً وقبطيا يختصمان، فوكز القبطيَّ فقتله، وخاف موسى من فرعون، فهرب، وقصد نحو مدينَ، واتصل بشعيب، وزوَّجه ابنته صفورا، وأقام يرعى غنم شعيب عشر سنين.
ثم سار بأهله في زمن الشتاء، وأخطأ الطريق، وكانت امرأته حاملاً، فأخذها الطلق في ليلة شاتية، فأراد [أن] يقدح، فلم يظهر له نار، {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}[القصص: ٢٩]، فلما دنا منها، رأى نورًا ممتداً من السماء إلى شجرة عظيمة من العَوْسَج، وقيل: من العناب، فتحير موسى، وخاف ورجع، فنودي منها، ولما سمع الصوت، استأنس، وعاد، فلما أتاها، نودي من جانب الوادي الأيمن من الشجرة: يا موسى! إني أنا الله ربُّ العالمين، ولما رأى تلك الهيبة، علم أنه ربه، فخفق قلبه، وكَلَّ لسانه، وضعفت مُنَّتُه، ثم شد الله قلبه، ولما عاد عقله، نودي أن اخلع نعليك {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}[طه: ١٢]، وجعل الله عصاه ويده آيتين.
ثم أقبل موسى إلى أهله، فسار بهم نحو مصر حتى أتاها ليلاً، واجتمع به هارون - عليه السلام -، وتعارفا فاعتنقا، ثم قال موسى: يا هارون! إن الله أرسلنا إلى فرعون، فانطلقا إليه، وأراه موسى عصاه ثعباناً، فخاف فرعون، وأحدث في ثيابه، ثم أدخل يده في جيبه، وأخرجها بيضاء لها نور، ثم ردها إلى جيبه، وأخرجها على لونها الأول.
ثم أحضر لهما فرعون السحرة، وعملوا الحيات، وألقى موسى